نشرت في الوفد 24-9-2014
ــــــــــــــــ
خارج السطر
اعدام ميكى ماووس
توضأ الرجل وهذَّب لحيته واضطجع مُفكرا ، ثُم استجلب ما قرأ وحفظ من نصوص ، واسترجع فتاوى السابقين والمعاصرين وتكلم . قال ياسر برهامى فى فتوى جديدة تُصحصح الأمة ، وتُفتّح الأبواب الموصدة ، وتُجدد الدين أن ميكى ماووس من عمل الشيطان فاجتنبوه . أفتى المُستشيخ العظيم بحرمة صور ميكى ماووس فى غرف الاطفال لأنه يطرد الملائكة ويستدعى الشياطين.
سلامُ على الفقه، وشكرا لبحر العِلم الممتد الذى فصّل لنا الأمر ، وبيَن لنا ما استعصى على عقولنا الضعيفة . كُنا فى ضنك الحيرة من ذلك الفأر الماكر الذى دخل بيوت الناس دون استئذان واستوطن حجرات أطفالنا وأدمغتهم . كُنا فى ظلمات الفتنة الكبرى نسأل أنفسنا أحلالُ أم حرام ُ تعليق صور الشيطان الرجيم على الجدران وعلى كراسات المدارس ! كُنا فى ضلال صريح نتعثر أن نعرف خطر ميكى ماوس على الاسلام والمسلمين !
الآن انفضحت المؤامرة، ورُفع الستار عن المُخطط الصهيوأمريكى لغزو ديارنا . ذلك الفأر الذى ولد فى نوفمبر 1928 على يد فنان كافر اسمه أوب ايروكس قبل أن يتبناه رجل المخابرات المتُخفى والت ديزنى ليروجه حتى يُصبح حبيبا للأطفال .
أى مأسآة نحياها أكبر من ذلك ؟ عندما يُصبح الجهل حكما، وتصير التفاهة نجما، ويتحول أنصاف القراء إلى مفتيين ، ويغدو ناقصو العقول إلى فتانين. أى سُلّم نرتجى لهذا الوطن أن يرتقيه وهو يتخبط فى وحل اللُحى الكاذبة ؟
إن ياسر برهامى يهاجم “داعش” ويعتبرها وصمة عار فى جبين الاسلام، ويتناسى الرجل أنه يحمل نفس جينات وخبرات تلك الحركة الدموية فى الجهل والتطرف . أنت داعشى يا مولانا وأنت تعلم وتُنكر وتتخفى . ميكى ماوس يارجل ابداع عالمى أسعد الملايين وسيجزى الله مبتكره الجزاء الأوفى ، بينما أنت كل يوم تُنفّر الناس من زينة الحياة الدنيا وتصُد الناس عن دين الله صدودا . أغاية الدين أن نُخفى ميكى ماوس . يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ؟ ( مع الاعتذار للصديق العظيم أبى الطيب المتنبى ).
فى كأس العالم الاخير أطل الرجل ليقول : ” مباريات كرة القدم تُلهي المسلمين عن القيام بواجباتهم، كما تتضمن محرمات تفطر الصائم في رمضان ومحرمات نهى عنها الاسلام كالتعصب، واضاعة الوقت، واللهو، كما أن عشاق كرة القدم يحبون الكفار والموالين لهم من اللاعبين بالفرق الأجنبية وغيرهم وهو أمر مرفوض».
ومن قبل أفتى برهامى بأن الفرار هو الأكثر قبولا فى الاسلام لرجل تتعرض زوجته للاغتصاب من قبل مجرمين مؤكدا أن الاغتصاب أفضل للسيدة المسلمة من الزنى.
لقد دفعنى ذلك أن أكتب قبل بضعة شهور مقالا بعنوان ” قُبلة على يد ياسر برهامى ” أدعوه فيه أن يصمت احتراما لدين الله، وتقديرا لعقل الانسان، وصونا له هو ولطلته من سخرية المارة واستهزاء المتفرجين، بل أننى قلت أننى على استعداد أن أبوس يديه ليهدأ قليلا من أجل حبيبى النبى الذى كان رحمة وبساطة وخير ومحبة ، لكن يبدو أن الرجل لا يقرأ ، ولا يفكر، ولا يراجع نفسه ،ويعز عليه أن تغادر سحنته البهية صفحات الصحف والمواقع الالكترونية حتى لو كان بالذم والسخرية.
فاللهم اهده أو اكفينا شره .
مصطفى عبيد
اترك تعليق